الكارثة في شرق ليبيا: الصحراء تتحول إلى بحر ومأساة الفيضانات
مرت أسبوعان مريران على الكارثة التي ضربت شرق ليبيا، وتحديداً مدينة درنة ومناطق مجاورة. لقد كانت هذه الكارثة ليست كأي كارثة، بل كانت كارثة بيئية فريدة من نوعها، حيث تحولت الصحراء الليبية القاحلة إلى ما يشبه البحر، وارتفع منسوب المياه بشكل مذهل، مما أدى إلى توقف حركة المرور تماماً وتعطيل الحياة اليومية للسكان المحليين.
في هذا المقال، سنقوم باستكشاف تفاصيل هذه الكارثة البيئية الرهيبة وتأثيراتها على السكان والبيئة، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية للتصدي لهذه الأزمة الطارئة.
مياه الصحراء: كيف تحولت الصحراء إلى بحر
تعتبر الصحراء الليبية واحدة من أشهر الصحارى في العالم، حيث يُعرف جزءًا منها بالصحراء الليبية الكبرى. وكانت تلك المنطقة قاحلة وخالية من المياه لفترات طويلة. ومع ذلك، في غضون أسبوعين فقط، تحولت هذه الصحراء الجافة إلى بحر غير متوقع.
المياه الجارفة تسببت في غمر العديد من المناطق والمدن، مما أدى إلى عزل الأهالي وتعطيل الحياة اليومية. كان أحد أبرز المشاهد هو تحول طريق المخيلي الصحراوي إلى بحيرة عائمة، حيث ارتفع منسوب المياه بشكل لم يسبق له مثيل، وأغرق السيارات والبيوت.
كما أظهرت مقاطع الفيديو والصور المتداولة المياه وهي تغمر المناطق والشوارع، وتتجاوز ارتفاعها 3 أمتار في بعض المناطق. ولم يكن بإمكان السكان التنقل بسهولة عبر السيارات بسبب هذا الفيضان الكبير، مما دفع البعض إلى اللجوء إلى استخدام قوارب البحر للعبور إلى الجهة الأخرى.
تأثيرات الكارثة على السكان والبيئة
كانت تأثيرات هذه الكارثة البيئية الهائلة واضحة ومدمرة. فقد أدت الفيضانات القوية التي ضربت شرق ليبيا إلى عزل العديد من القرى الصغيرة والتجمعات، حيث جرفت السيول الطرقات والجسور التي تربط بين هذه المناطق. هذا تسبب في انقطاع الاتصال بين السكان وصعوبة الوصول إليهم، مما جعل الكارثة أكثر تعقيداً وصعوبة في التعامل معها.
تضاف إلى ذلك حصيلة الضحايا المدمرة، حيث أعلنت السلطات المحلية عن مقتل مئات الأشخاص جراء هذه الكارثة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحصيلة تشمل فقط الجثث المدفونة والمسجلة رسمياً لدى وزارة الصحة. ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام بشكل كبير، حيث أن العديد من الجثث دُفنت على عجل في الأيام الأولى بعد الكارثة دون تسجيلها.
إجراءات الإغاثة والبحث عن الضحايا
تحتاج الكارثة البيئية هذه إلى استجابة سريعة وفعالة لمساعدة السكان المتضررين وللبحث عن المفقودين. وقد اتخذت السلطات المحلية إجراءات عاجلة للتعامل مع الوضع، بما في ذلك فتح مسار جديد للدخول إلى منطقة المخيلي بعدما أغرقت المياه طريقها الرئيسي. تلك الإجراءات تهدف إلى تسهيل وصول المساعدات والإمدادات الضرورية إلى المناطق المتضررة.
من جانبها، تعمل السلطات على إحصاء الضحايا المدفونين بدون تحديد هوياتهم، وكذلك المفقودين الذين يتجاوز عددهم 10 آلاف شخص، وفق تقديرات السلطات والمنظمات الإنسانية الدولية. كما تستمر عمليات البحث للعثور على جثث تحت الأنقاض أو في البحر.
الاعصار دانيال وآثاره المدمرة
كان الاعصار دانيال هو العامل الرئيسي وراء هذه الكارثة البيئية الهائلة. وكان وقعه كارثيا بشكل خاص على مدينة درنة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة والتي تطل على البحر المتوسط. حيث أدى الاعصار إلى انهيار سدين وتسبب في فيضانات جرفت كل شيء في طريقها، مما فاقم أعداد الضحايا ودمر العديد من المنازل والممتلكات.
إجمالاً، تسبب الاعصار في نزوح أكثر من 43 ألف شخص، حيث فقدوا منازلهم وممتلكاتهم وأصبحوا في حاجة ماسة إلى المساعدة والدعم.
ختامًا، تعد هذه الكارثة البيئية في شرق ليبيا من أكبر وأخطر الكوارث التي ضربت المنطقة في تاريخها الحديث. تتطلب الحالة الراهنة استجابة دولية واسعة النطاق للمساعدة في التصدي للتحديات المتزايدة التي تواجهها السكان والبيئة في هذه المنطقة.